محمد قطب وحدود إسرائيل الآمنة
جلال أبو الفتوح
الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على نبيه المصطفى. أما بعد
لقد فقدت الأمة الإسلامية علما من أعلامها المبرزين فإنا لله وإنا إليه راجعون
لقد رحل عنا الشيخ الدكتور محمد قطب وهو العملاق الثاني لآل قطب بعد شقيقه الأكبر سيد رحمة الله عليهما.
رحل شيخنا محمد قطب بعد مسيرة دعوية حافلة بالبذل والعطاء مزج خلالها بين العلم الغزير والأدب القويم
كان الشيخ رحمه الله يركز على أمهات القضايا التي يحتاج إليها المسلمون في واقعهم المعاصر ونجح نجاحا كبيرا في أن يضع يده على أصول الداء وجذور الانحراف والبلاء التي حرفت أمة الإسلام عن وجهتها الربانية في القرون الأخيرة الماضية، فسلط الأضواء على كفر العلمانية، وانحراف المرجئة، وضلالات الصوفية، ودعا لتصحيح المفاهيم التي انحرفت لدى كثيرين من أمة الإسلام كمفهوم لا إله إلا الله والعبادة والقضاء والقدر والحضارة والعمران [يراجع في ذلك كتاب مفاهيم ينبغي أن تصحح] وبين لنا رحمه الله المذاهب الفكرية المعاصرة من ديمقراطية واشتراكية وشيوعية وليبرالية وغيرها من المذاهب الهدامة وذلك من خلال كتابه [مذاهب فكرية معاصرة].
وتحدث رحمه الله عن رؤيته للتغيير من خلال كتابه [واقعناالمعاصر] وأوضح فيه أنه يرفض مسلكين من مسالك التغييرالأول :الصدام مع الطواغيت صداما مسلحاانطلاقا من الحماسة والاستعجال دون استناد لإعداد وتربية إيمانية لقاعدة شعبية صلبة تتكسرعليها كل مؤامرات الأعداء في الخارج وأذنابهم في الداخل.
والثاني هو التغييرمن خلال الانخراط في المنظومة الديمقراطية ولا أعلم أن الشيخ غير قناعته هذه حتى وفاته.
وتكلم الشيخ رحمه الله عن الجهاد في أفغانستان والبوسنة والهرسك وأظهر الدروس المستفادة من تجارب المجاهدين، ونصح لهم وشدد على أهمية الجهاد لأمة الإسلام كفريضة ربانية تعيد للمسلمين عزهم ومجدهم وتبوأهم ريادة العالم المتخبط في التيه والظلمات.
وبين لنا الشيخ رحمه الله فن الدعوة في كتابه [كيف ندعو الناس] وفي هذا الكتاب تبرئة للشيخ من تهمة الغلو التي حرص بعض الأقزام على إلصاقها به ممن امتلئت قلوبهم بشبهات المرجئة وسعدوا بانتظامهم في ركب الحكام الطغاة.
وأضاف الشيخ إلى المكتبة الإسلامية كتابا في التربية بعنوان [التربية في الإسلام] كما تحدث الشيخ أيضا عن قضية هامة داخل الحركة الإسلامية ألا وهي قضية السمع والطاعة وأوضح أوجه الإفراط والتفريط في الممارسة العملية لهذاالمبدإ.
وفي كتابه [كيف نكتب التاريخ الإسلامي] بين الشيخ رحمه الله المنهج المنحرف والمنهج الإسلامي الصحيح في كتابة التاريخ.
هذه إلمامة سريعة جدا عن أبرز ما كتبه الشيخ وقد سمعت من أحد المقربين جدا من الشيخ محمد قطب من حوالي سنة يقول: إن الشيخ له ستة كتب لم تنشر بعد شديد المحافظة عليهم دائما بجواره عند نومه.
والذي فهمته استنباطا لا تصريحا أن هذه الكتب غير مأذون في نشرها من الشيخ محمد قطب إلا بعد وفاته.
ومن هذه الكتب كتاب بعنوان [حدود إسرائيل الآمنة] قلت لمن حدثني بذلك: ماذا يقصد الشيخ بحدود إسرائيل الآمنة؟ قال: كل دولة تحكم بغيرما أنزل الله هي حدود آمنة لإسرائيل.أهـ
اللهم ارحم عبدك محمد قطب ونور قبره كما نور عقولنا وأدخله فسيح جناتك واجعله مع النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.